الانتهاز السياسي لاسم المرجعية

الانتهاز السياسي لاسم المرجعية



على مر التاريخ كان للمراجع العظام دور مؤثر في المشهد السياسي العراقي الذي كان ولازال قلقا ومتأرجحا بحيث لم تشهد فترة من فترات التاريخ السياسي للعراق استقرارا واضحا او ركودا سياسيا يجعل الجميع مطمئنا للحالة ومسلما للوضع الذي يكون بالتأكيد في صالح الشعب والبلد .

ان عدم الاستقرار في الوضع السياسي العراقي كان ولازال بفعل عوامل خارجية واخرى داخلية حيث تمثل الخارجية منها التأثير الأكثر وقعا ويمكن تشخيص مصادقيها بالاحتلالين البريطاني في بداية القرن العشرين والأمريكي في بداية القرن الحادي والعشرين وكذلك التدخلات الكثيرة من قبل دول الجوار كإيران وتركيا وبعض الدول العربية .

أما العوامل الداخلية التي اثرت في الوضع السياسي العراقي فهي كثيرة ومن أهمها تنوع الطيف العراقي دينيا وقوميا وعرقيا وثقافيا وكذلك الأعمال المخزية لبعض السياسيين العراقيين واستعدادهم للتبعية ولخيانة بلدهم وشعبهم والعمل على تنفيذ اجندات لدول اخرى على حساب مصالح شعبهم وبلدهم .

لقد نأت المرجعية بنفسها عن التدافع والتنافس السياسي ولكنها لم تترك الأمر بدون توجيه وقيادة ونصح وتسديد . وكان لكل زمان مرجع قائد يوجه الأمة ويسير بها في خطى واثقة وصحيحة ومدروسة بدقة حيث كان التصدي لقيادة الجماهير وتوجيههم في مقاومة الاحتلال البريطاني في بداية القرن العشرين وكذلك التصدي للشيوعيين ومقاومة البعثيين وفي اعادة الأمة للالتفاف حول الحوزة وطاعة المرجع . ولا ننسى دور المرجعية الواعي في التعامل مع الحالة الجديدة بعد السقوط والاحتلال الجديد للعراق حيث ادت المرجعية دورا توجيهيا وقياديا رسمت فيه الخطوط العريضة للتعامل مع الوضع باصدار الفتاوى والخطابات والبيانات . وكان كل هذا بفعل مراجع عظام وقادة حكماء توحدت الأمة خلفهم وسارت بتوجيهاتهم وكان الأمر يمثل حالة الصراع بين ارادة الخير الذي تمثله المرجعية ومن سار خلفها وبين ارادة الشر الذي يمثلها الاحتلال ومن وقف معه من عملاء وخونة .

وعلى طول هذا الدور الريادي للمراجع لم نسمع يوما ان احدهم سمي بـ( المرجع الأعلى ) ولم يكن السياسيون او الإعلاميون يتداولون هذا المصطلح بل كنا نسمع بمصطلحات مثل ( زعيم الحوزة ) او ( ولي امر المسلمين ) وغيرها .

هذا المصطلح الجديد ( المرجع الاعلى) اضافة الى مصطلحات اخرى اخذت تتردد اخيرا او في فترة ما بعد السقوط بالتحديد من قبل السياسيين والاعلام حيث قصدوا به المرجع السيستاني الذي لايتدخل في الامور السياسية وانما تصدر من مكتبه بعض البيانات المقتضبة او العائمة وذلك في محاولة منهم لتمشية قراراتهم ومخططاتهم واجنداتهم باسمه كون الشعب العراقي ميال بطبيعته العقائدية الى الالتفاف حول المرجعية وطاعتها في كل ما يصدر منها . بل ان الشعب اذا تسمع بامر ما قد اطلع عليه المرجع او نال رضا المرجع فانه ينفذه ويثق به تماما ولا يناقشه مهما كانت له من آراء او تحفظات او جاء خلافا لرغباته .

وبما ان اغلب الذين تصدوا للحكم في العراق لا هم لهم الا مصالحهم ومصالح الدول التي جاءت بهم فقد استغلوا هذه الطاعة والعلاقة القوية بين المرجعية وابناء الشعب واخذوا قبل كل قرار او امر مهم يريدون تمريره يزورون النجف الاشرف ويلتقون بالمراجع او ببعضهم ويصلون الى مكاتب مراجع اخرين دون الالتقاء بهم شخصيا ليصرحوا بعد ذلك بان المرجعية او ( المراجع الاربعة ) او ( المرجع الاعلى ) قد استقبلهم وبارك لهم عملهم وهو مؤيد للعملية السياسية وما الى ذلك من الاكاذيب التي ومع شديد الاسف اخذت تنطلي على نسبة من ابناء الشعب . ورغم ان بعض المراجع العاملين يبدي في أغلب الأحيان عدم رضاه على السياسيين ويؤنبهم على تخبطهم وعدم وضعهم مصلحة البلد والشعب فوق كل شيء فهم لا يشيرون لهذا ابدا ويمنعون وسائل الاعلام من بث أي شيء حول هذا الامر ليكون المؤتمر الصحفي الذي يعقد بعد زيارة النجف الاشرف يتحدث عن كل رضا وتأييد من قبل ( المراجع الاربعة ) او ( المرجع الاعلى ) كما يقولون .

وبناءا على عدم اخلاص معظم السياسيين فالشعب مطالب بان يدافع عن بلده وتاريخه وسمعته وان ينتصر لمرجعيته ذات التاريخ المجيد ويفحص الامور بترو وحكمة قبل ان يصدق كل ما يصدر من السياسيين لانهم لا هم لهم الا البقاء في المناصب وعدم مغادرة الكراسي لأطول فترة زمنية ..