الكاتب والرياح

الكاتب و الرياح
*وبينما كان الكاتب بين كتبه ومصباحه ..... تأتيه الرياح لتتلاعب بأفكاره وتبعثرها في جهات مختلفة ولكنه في نفس الوقت لا يعرف لماذا تفعل هذا به !!
*لتغضبه ؟ أم تريد إخباره شيئا ما ؟
*لكن رغم تسائله مازالت الرياح تحوم حول رأسه وتدور كأنه القمر الذي يدور حول الأرض دون ما توقف !!!
*وإذ بهمسات تدخل رأسه من جهات مختلفة من يمينه و يساره أحياناً ومن خلفه و أمامه أحياناً أخرى ... ولكن على الرغم من ذلك لا يفهم معناها .....ومازال الكاتب يفكر ...ويقول: أتريد الرياح مكالمتي؟ أم ماذا؟.......
*وفجأة تتعالى الأصوات تدريجياً مرة بعد مرة وإذ يسمع الرياح تهمس قائلتاً : أيها الكاتب .. أيها الكاتب و ما إن سمع الكاتب هذا النداء ..فأجاب قائلاً: نعم,نعم أيتها الرياح ماذا تريدين مني ؟
*فتجيبه الرياح : أريد إخبارك شيئا مهماً أيها الكاتب العظيم .فيجيب الكاتب قائلاً: ما هو هذا الشيء المهم أيتها الرياح ؟
*فتجيبه الرياح: "لقد تجولت في مغارب الأرض ومشارقها وسمعت أحاديث وأقاويل ,ورأيت حكّاماً و كتّاباً وعمّالا ً و أناس كثر...
*فيقول الكاتب: ماذا تريدين مني بالضبط أيتها الرياح؟
*فتجيبه الرياح : لقد قرأت كتاباتك الجميلة وقصصك الرائعة ومقالاتك الفصيحة.
*فيقول الكاتب مقاطعاً الرياح : و كيف تقرئين أيتها الرياح ؟
*فتجيبه الرياح : إن هذه القدرة اكتسبتها من خلال سفري الطويل بين البلدان .
*فيقول الكاتب : أحقا ً تقصدين بأن كتاباتي جميلة !!
*فتجيبه الرياح: نعم, وبالرغم من تجولي على أرضكم لم أجد أروع منها إطلاقا ً .
*فيقول الكاتب:وكيف وجدت أثرها في الناس ؟
*فتجيبه الرياح:يا أسفاه ,لو تدري كم تألمت و حزنت عندما رأيت هذا الواقع المرير.
*فيقول الكاتب: أي واقع ٍ هذا؟
*فتجيبه الرياح: كلما مررت ت بقارئ ٍ يقرأ لك إحدى مقالاتك انتظرت حيناً حتى ينتهي من قرأتها وإذ به بعد الانتهاء من قراءتها يرمي المقالة في القمامة ليس آبهاً لا بعناها ولا بمن كتبها وسهر الليالي على كتابتها .
*فيقول الكاتب: هو لا يدري بل لا يفهم معنى ما قرأ ,بل هو يريد أن يظهر بأنه قارئ ومثقف ,ولكنه في الحقيقة لا شأن له في الثقافة والأدب أصلا ً .
*فتقول الرياح: ولكنّي رأيتُ قرائك مخلصين للثقافة ِ والأدب فهم عندما يقرءون كتاباً لك أو مقالة فهم يقرءونها بتمعن واستيعاب مدركين ما يقرءون.
*فيقول الكاتب : نعم ,أيتها الرياح ففي عصرنا هذا ينقسم القراء إلى قسمين ,القسم الأول يدرك معنى الثقافة وفوائدها ومتطلباتها أم القسم الثاني لا يدرك معنى الثقافة ولا بفوائدها وكما قلت مسبقا ً هؤلاء القارئين يريدون أن يظهروا للناس بأنهم مثقفين وأنهم ذو فكر واسع ومعرفة عميقة بالثقافة.
*فتقول الرياح: نعم, هكذا ينحدر معظم الناس ولكن ماذا تريد أن تفعل تجاه القارئين الجاهلين ؟
*فيجيبها الكاتب : أريد أن أكتب قصة قصيرة ومعبرة أخبر القارئين من خلالها معنى الثقافة وفوائدها ومتطلباتها بطريقة يحبها الناس المثقفون والناس العاديين ,فأكون هكذا قد عالجت مشكلة القارئين الجاهلين إلى الأبد.
*فتقول له الرياح: نعم ,أيها الكاتب العظيم بوركت يداك فأنت كالسراج المنير يضيء للأجيال الطريق نحو واقع أفضل .

*وفجأة ً تهب عاصفة تأخذ الرياح معها دون سابق إنذار...........

*إن شاء الله سيكون هناك المزيد للأعداد القادمة .
*ولكم مني التقدير والاحترام