حضارة بابل واشور
عجائب بابل
قد يتذكر بعضنا أن ( حدائق بابل المعلقة ) كانت أحدي العجائب السبع في العالم القديم. أما عن بابل ذاتها, عاصمة ثانية أقدم حضارة على الأرض , فلم يكن يعرف عنها إلا أقل القليل حتى عام 1899, حينما بدأت بعثة من علماء الآثار المدربين و عمالهم من العرب أعمال الحفر و التنقيب في بقايا المدينة العظيمة قرب نهر الفرات.
و اليوم, بفضل جهود العلماء الذين اهتدوا إلي مفتاح اللغة البابلية, و بفضل علماء الأثار أصبح في مقدورنا أن نرسم صورة لما كانت عليه بابل في أوج قوتها, ذلك أننا نعرف خطة العمل, و يمكننا أن نعيد بناء العجائب في تلك المدينة الأسطورة, كما كانت حوالي عام 565 قبل الميلاد.
كان المسافر أذا ما أقترب من بابل عن طريق السهل, تقع عيناه أول ما تقع علي السقف الذهبي لبرج ضخم يتلألأ في الشمس. ثم لا يلبث أن تتبدى له الأسوار العظيمة, ترتفع رأسية من بطن السهل, قتطوق المدينة التي كان محيطها يبلغ 11 ميلا. لقد كانت هذه الأسوار من العرض بحيث يمكن أقتياد مركبة ذات عجلتين يجرها أربعة جياد فوق سطحها, و من خلفها كانت المدينة الداخلة. و كان يشق هذه المدينة من الشمال إلي الجنوب طريق الموكب, أو طريق النصر. ففي كل عام كان يقوم في بابل (مهرجان العام الجديد), أحتفالا بزواج الأله مردوك ( أو بعل Bel ) من آلهة الأرض, لكي تمنح الخصب للتربة, و توجد بمحصولات طيبة من القمح و الكرم و الزيتون. و كان المللك, و الكهنة, و تماثيل الآلهة في مركباتها الرسمية المشكلة علي صورة القوارب و المزدانة بالذهب و اللازورد, يمرون علي أمتداد طريق الموكب, الذي كان يرتفع نحو 40 قدما فوق مستوي السهل, و كان يكسوه بلاط من الرخام بحجم ثلاث أقدام مربعة. و كان الطريق بعرض 75 قدما, تحف به من الجانبين أسوار عالية, أقيمت قواعدها راسخة داخل أطلال مدن سابقة العهد. و كانت هذه الأسوار مكسورة بالقرميد المزجج بألوان زاهية براقة, مثل اللون الأزرق الزاهي المبين في الشكل, و كانت محلاة بافريز قامت فيه صور أسود شرسة المنظر, و ثيران, و تنانين, و المقصودة بها كلها تخويف الشر و أبعاده عن المدينة. و علي الجانب السفلي من كل بلاطة رصفت بها بها الأرض, نقشت هذه العبارة: (( أنا نبوخذ نصر, ملك بابل, أنني رصفت طريق بابل بالأحجار, من أجل موكب الأله الكبير مردوك. يا الهي مردوك, أمنحنا الحياة الأبدية )) .
و كان طريق الموكب يمر من خلال بوابة عشتار, ذات المدخل المزدوج و الأبراج الهائلة. و هذا المدخل الضخم كان مكسوا بطبقة ملساء زرقاء براقة, مزدانة بتسعة صفوف من التنانين و الثيران, يبلغ مجموعها 585 . و عندما أكتشفت بقايا هذه البوابة, كان هناك, فيما وعته الذاكرة وقتها 152 من هذه الأشكال الحيوانية ما زالت باقية في موضعها الأصلية, كما ظل وقتها قدر كاف من المبني القديم باقيا لكي يبين ما كانت عليه صورته الأصلية.
وأذا تابع المسافر طريق موكب العام الجديد من خلال بوابة عشتار, وجد نفسه في المدينة الداخلية. و فيها كانت توجد قصور فخمة و معابد مهيبة يحف بكل منها سياجه الخاص, كما كانت توجد شوارع ضيقة بها بيوت مسطحة الأسقف من قرميد أصفر, و ليس لها نوافذ مطلة علي الشوارع,و أرضيتها مبنية بالقرميد, و لها مورد مائي من ينابيع دائرية. و هنا أيضا كان قصر نبوخدنصر, بساحته الواسعة, و قاعة العرش الفسيحة, و عشرات من الغرف الأصغر, و تحف به أسوار عالية أنتثرت فوقها الأبراج. ثم معبد الألهة ننماخ, الذي كسي قرميده بالطلاء الأبيض الذي كان يبرق كالرخام في الشمس, و قصر ملكي أخر من القرميد الأصفر اللامع, مزخرف بالمينا الزرقاء و أرضياته من الحجر الأبيض و الأسود, و له مدخل تحرسه أسود ضخمة منقوشة, و كانت الحدائق المعلقة أروع هذه المشاهد جميعا. أن كلمة ( معلقة ) تعبير مضلل. فأن الحدائق كانت ممتدة علي شكل مزروعة بأشجار السنديان, و البلوط الأخضر, و الصنوبر, و الدلب, و الصفصاف, و الدردار, و النخيل, و البرتقال. و الرمان. و كان البنيان كله يرتفع 75 قدما, و به سلالم تصعد من مدرج إلي مدرج, و كان يظل بليلا منعشا علي مدار السنة بالمياه, تضخ اليه من ينبوع أدني من مستوي سطح الأرض. و يقال أن نبوخدنصر قد صمم هذه الحدائق كهدية لملكته, أميهيا, و هي أميرة من ميديا, لكيلا توحشها روابي بلادها أذا أقامت في أرض بابل المسطحة.
و علي مقربة من قلب المدينة, كان يقوم البرج المدرج العظيم, يعلوه سقف من ذهب, وهو أعلي بناء في بابل. كان أسمه (أي- تمين- أنج- كي), أو معبد مدوك, و يحتمل أنه كان برج بابل الأصلي الذي ورد ذكره في ( العهد القديم), و أن كان بعض العلماء يرون أن هذا الأخير كان برج أخر في ( بيس نمرود ). و تروي أسطورة من بابل أن الأله مردوك أمر والد نبوخذنصر المسلمي نابويولاسار. ببناء البرج, جاعلا قواعده راسخة في الأرض بينما تتطاول قمته إلي السماء. و من حول البرج في نطاق سياجه الضخم المبرع, قامت مساكن الكهنة, و مئات من غرف الضيافة للغرباء من زائري المكان المقدس, و كذلك الخزائن المحتوية علي الثراء الطائل الذي يجاوز حد التصديق. فلقد كانت معابد بابل طائلة الثراء, إذ كانت تقتني الممتلكات, و تعمل بمثابة المصارف للمواطنين الذين كانوا يدفعون لها الرسوم, ل أنها كانت تزود كانوا يدفعون لها الرسوم, بل أنها كانت تزود الملوك بالمال في وقت الرحب. و لكن خزائنها المليئة الملوك بالمال في وقت الرحب. و لكن خزائنها المليئة بالذهب و الفضة كانت تجذب الغزاء الأجانب, فكانت تقوم علي حراستها أسوار متينة تدعمها الأبراج.
و كان البرج نفسه يبلغ أرتفاعه 300 قدم, و يزيد رفعا كلما أرتفع إلي القمة في سلسلة من المدرجات, و كانت سلالة الثلاثية تؤذي إلي الأماكن المقدسة المكرسة لكبار آلهة بابل.
و بعد أعمال الحفر و التنقيب في بابل في مستهل هذا القرن, أخذ البناءون المحليون كل قرميدة في البرج بقيت في مكانها حتي أنه لم يبق الآن سوي بحيرة مملوءة بالبوص.
و إلي الجنوب من البرج كان يقوم معبد كبير أخر للأله مردوك, يضم تمثثالا مقدسا للأله.
و علي مسافة قصيرة, إلي الشرق من طريق الموكب, كان يقوم معبد أصغر للأله عشتار التي سماها الأنجيل ( أعشتوريتي ).
و كان طريق الموكب يدور حول الجدار الطويل الشرقي لسياج المعبد, ثم يلتف حول البرج, ثم ينعطف غربا و يعبر نهر الفرات عن طريق جسر حجري ضخم, و يمتد بعد ذلك إلي الأحياء الغربية في المدينة
تخطيط مدينة بابل
يبين هذا الرسم البياني للمدينة, طريق موكب العام الجديد من بوابة عشتار إلي العشائر الجسر, و كذلك المباني الرئيسية علي الضفة الشرقية لنهر الفرات. و كان نهر الفرات فيما مضي يجري خلال وسط المدينة, و يقسمها إلي قسمين: شرقي و غربي. و اليوم فأن كل أطلال مدينة بابل قائمة علي الضفة الشرقية. و علي هذا فمن المرجح أن النهر قد غير مجراه.
[عزيزي الزائر يتوجب عليك التسجيل بالمنتدى لمشاهدة الرابط]
1- بوابة عشتار.
2- أسوار تحيط بالقصر الملكي.
3- قاعة العرش.
4- الحدائق المعلقة.
5- معبد ننماخ.
6- معبد عشتار.
7- سوق.
8- برج أي- تمنين- أنخ - كي( المرجح أنه برج بابل ) .
9- معبد مردوك.
10- جسر فوق نهر الفرات
[عزيزي الزائر يتوجب عليك التسجيل بالمنتدى لمشاهدة الرابط]
المدينة السومرية
في أثناء لحفريات التي كا ن يقوم بها عالم الأثار و الحفريات سير ليوناردو وولي Wooley بمدينة أور Ur , المدينة
السومرية القديمة التي ولد بها سيدنا أبراهيم الخليل, وفق الرجل في عامة الثاني من الحفرات التي كان يجريها بتلك المدينة
إلي أكتشاف هام. فقد كان هو و زملاؤه يواصلون أعمال التنيقيب و الحفر بقصر الكاهنة الكبيرة المعينة بخدمة إله القمر
نانار Nannar .. الأله النصير لأور. . و قد أهتدوا إلي غرفة بالقصر ملأي بالألواح المصنوعة من الطين الخزفي و التي كانت مخصصة لتعليم الكتابة.
و كان يبدو بوضوح أن الغرفة كانت جزءا من مدرسة للصبيان ملحقة بالمعبد. كما وجد علماء الآثار القديمة في الغرفة التالية ألواحا أكثر عدادا, و جانبا
من تمثال, و حجرا مما يستعمل في إقامة الحدود و أشياء أخري, و كلها ملقاة علي أرضية مصوفة بالطوب الأحمر الذي كان معدا للتداول في القرن السادس قبل الميلاد. و كانت هذه الأشياء أقدم من المادة المرصوفة بها هذه الأرضية بفترة تتراوح بين 700 و 1600 سنة. و من الصعب القول بأن هذه الأشياء التاريخية أجتمع بعضها إلي جانب بعض مصادفة. كذلك وجدت بعد ذلك أسطوانة خزفية صغيرة مسجل بها أربع أعمدة من الكتابة تقرأ علي النحو الأتي: هذه الأشياء عبارة عن نسخ طبق الأصل من الطوب الأحمر, عثر عليها في خرائب أور, و هي من عمل بيرسن Bur-sin ملك أور, التي وجدها حاكم المدينة بينما كان يبحث عن نوع المادة الأرضية التي بني بها المعبد و التي رأيتها و سجلتها لتكون مثار دهشة الناظرين. و كان بيرسن ملكا لأور في سنة 2000 قبل الميلاد. و كانت الغرفة بمثابة متحف للعاديات المحلية, و أعتبرت الأسطوانة الخرفية الشبيهة بالطبلة, أول حفر عملي للمدينة في سنة 600 قبل الميلاد. و هذه القصة ترسم لنا فكرة ما عن آثار المدينة السومرية.